انـبســط ببســـاطــة

الخميس، ٢١ أبريل ٢٠١١

تكرار السؤال قبل الأفعال

Willow Rd forest


منذ فترة قرأت لمدون أمريكي عن أسلوب يتبعه قبل شراء أي شيء، وهو أنه يسأل نفسه خمسة مرات قبل الإقدام على شرائه عما إذا كان يحتاجه بالفعل.

أعجبتني الفكرة ونفذتها بالفعل لفترة، لا سيما وأنا أتجول في المكتبات. والهدف من تكرار السؤال هو التغلب على الشراء الانفعالي غير الواعي، حيث أن السؤال الأول قد تأتيه إجابة انفعالية سريعة. مثلاً، أنا أرى كتاباً شديد الإغراء أمامي:

- السؤال الأول: لماذا تريد شراء هذا الكتاب؟
- الإجابة: لأن موضوعه هام جداً وأنا أريد الاطلاع عليه.

الآن لو توقفت عند هذا السؤال فالأمر يبدو مقنعاً جداً وسوف أخرج من المكتبة حاملاً هذا الكتاب الجديد. لكن علي أن أستمر في هذا الاستجواب الذاتي:

- السؤال الثاني: أليس لديك عدد هائل من الكتب غير المقروءة في بيتك؟ لم إذن تضيف كتاباً جديداً قبل أن تنهيها؟
- الإجابة: لأن هذا الكتاب بالذات هام جداً وليس عندي كتب أخرى تتناول نفس هذا الموضوع من هذه الوجهة.

- السؤال الثالث: يعني أنت متأكد أنك سوف تبدأ قراءة هذا الكتاب الآن؟
- الإجابة: (بعض التردد) أااا... ربما.

- السؤال الرابع: طيب ما دمت متحمساً هكذا للقراءة فلم لا تنتهي من الكتب الأخرى أولاً ثم تشتري هذا الكتاب لاحقاً، فهو سيظل متاحاً دائماً حينما تفرغ مما لديك وتحتاج إلى كتاب جديد.
- الإجابة: هذا رأي وجيه والله! فعلاً ما زالت عندي كتب كثيرة.

- السؤال الخامس: لم إذن لا تعيد هذا الكتاب إلى الرف وتوفر مالك وتخرج الآن من هذه المكتبة؟
- الإجابة: حاضر!

بالطبع الأمر لا يستغرق كل هذا الوقت! قد تكون الأسئلة الخمسة هي كلمة واحدة مكررة، مثلاً: "متأكد أنك تحتاج هذه السلعة/الكتاب الآن؟"، ثم تكرر التساؤل على مسامع نفسك: "متأكد؟" .. "متأكد؟" .. "متأكد؟"...!

الذي يحدث أنك مع كل تأجيل للفعل والحوار الداخلي السريع الذي يلح عليك أن تتمهل تبدأ الرغبة الانفعالية في التملك في التواري ونعطي فرصة للعقل الهاديء أن يعود إلى مقعد القيادة!

ولقد نسيت هذه الحيلة لفترة طويلة. ثم عادت تذكرني بنفسها في رادء جديد، في موضوع جديد قرأته لكاتب آخر يقول أنه يسأل نفسه ثلاثة مرات قبل كل فعل عن جدوى ما يفعل وسبب إقدامه عليه.

قلت لنفسي هذه حيلة رائعة تلح علي من جديد أن أعود إليها، ولكن على أن أتوسع في استخدامها بما لا يقتصر فقط على الشراء، ولكن على كل نوع من "الإنفاق"، إنفاق المال أو إنفاق الجهد أو إنفاق الوقت!

ورأيت أن حصر مرات السؤال في ثلاثة مرات في كل الأحوال هو قاعدة سهلة بسيطة يمكن استخدامها دائماً لتهدئة النفس ومراجعة حقيقة ما نفعل وإعادة العقل إلى دوره القيادي المطلوب.

تصور مثلاً أنك تجلس أمام الانترنت وتقلب في صفحات الفيس بوك أو التويتر وتقفز بين المدونات والصفحات. بعد مرور ربع ساعة تتذكر الحيلة، تسأل نفسك ثلاثة مرات:
- هل ما تفعله الآن يعود عليك بفائدة؟
- هل يمكن أن تفعل شيئاً آخر أجدى نفعاً؟
- هل يمكن أن تركز في القراءة على مادة واحدة مفيدة بدلاً من تضييع ساعة في الاطلاع على أشياء كثيرة متعددة دون تركيز؟

تعال نجرب ذلك معاً، نتوقف ونتساءل ثلاثة مرات عن جدوى كل فعل نفعله، ولماذا نفعله هو بدلاً من شيء آخر، ولماذا نفعله بهذه الطريقة وليس بأسلوب آخر أكثر نفعاً. ما رأيك؟

Share/Bookmark

الأحد، ٣ أبريل ٢٠١١

هل تستفيد من القراءة على الانترنت؟

لعلك تقرأ العديد من المقالات يومياً على الانترنت وفي المدونات، ولعل الكثير من الأفكار التي تمر عليك في قراءاتك أفكار مفيدة بالفعل. ولعل هذه الفكرة الجميلة الواعدة والمبشرة بالخير تتكرر وتعيد الإلحاح عليك مرة بعد أخرى، وفي كل مرة تعجبك الفكرة كثيراً ويحدثك صوت داخلي أن عليك أن تفعلها، ولكن...! 

ولكنك لا تفعل شيئاً! تضيء في رأسك شرارة الرغبة في الاستفادة مما تتعلم ثم تنطفيء هذه الشرارة بسرعة الضوء، وتترك بعدها ظلاماً دامساً وتضيع الأفكار في غياهب النسيان.

لماذا لا تنشئ مدونة، قد تجعلها متاحة للجميع وقد تجعلها خاصة لا يستطيع الاطلاع عليها إلا أنت، على أن تصاحبك هذه المدونة في قراءاتك على الانترنت؟ الميزة في إنشاء مدونة لهذا الغرض أنها من نفس جنس المقروء وباستخدام الوسيلة ذاتها في القراءة. قد يكون ذلك أفضل كثيراً من الاحتفاظ بمقال جيد قرأته في قائمة المفضلات، والتي لا تعود إليها أبداً بالطبع، أليس كذلك؟!

إذا قرأت مقالاً يحتوي على فكرة جديرة بالتجربة، احتفظ برابط المقال وحدد الفكرة التي جذبت انتباهك. في نهاية كل شهر قم بمراجعة مقالات وأفكار الشهر وابدأ في الاستفادة الفعلية من هذه الأفكار وتجربتها. 

Share/Bookmark

الاثنين، ١٩ يوليو ٢٠١٠

إرساء النظام في حياتنا والورقة المعجزة!

sunset park


تحدثت في الموضوع السابق عن تأثير التواجد أو العمل في بيئة غير منظمة. قد تشعر بالنشاط والرغبة في الإنجاز ثم ما تلبث هذه الرغبة أن تنطفيء بمجرد عودتك إلى بيتك أو مكتبك. كيف نسيطر على العالم الصغير الذي نحيا فيه (بيتنا، غرفتنا، مكتبنا، حاسبنا الآلي) ونجعله باعثاً على النشاط والمزاج الإيجابي؟ الكلمة السحرية التي نعرفها جميعاً هي: النظام. لكن، كالعادة، الواقع أصعب من الكلمة!

أنا شخصياً عانيت زمناً طويلاً في صراع لا ينتهي إلا ليبدأ... مع غرفتي! ليست غرفة واحدة، لكن كل غرفة أنتقل إليها تصبح مشكلة، بعد انتقالي للحياة بعيداً عن والدتي رحمها الله. والعجيب أن الغرفة الفوضوية انتقلت معي في مصر من شقة إلى شقة، وفي أمريكا من ولاية إلى ولاية! والمعنى أن الفوضى بداخلنا نحن، علينا السيطرة عليها في أنفسنا أولاً، وسوف يستجيب عالمنا الخارجي بعد ذلك!

أما إذا كنت رجلاً تعيش مع والدتك أو زوجتك فقط أهمس في أذنك أنك لو عدت كل يوم إلى منزلك فوجدت هدوءاً وراحة، ونظافة ونظاماً، فلا تبخل على الأم أو الزوجة بالشكر والإطراء. صدقني مثل هذه الأشياء لا تتحقق وحدها ببساطة، بل هي ثمرة عمل يومي! غير أن البيت قد يكون منظماً، لكنك تعيش تحت رزح فوضى رقمية على حاسبك الآلي مثلاً! مئات الملفات المخزنة لكي تطالعها "في وقت لاحق"، وهو وقت لاحق لا يريد أن يأتي أبداً! وذلك لأن الملفات تتزايد بأسرع من قدرتك على الرجوع إليها ومطالعتها.

تصور أن كل شيء في حياتك له مكان ووظيفة واضحة. أنه ليست هنالك أشياء مبعثرة لا تعرف ماهيتها إذ تتراكم مع مرور الزمن. أن كل ملف على حاسبك الآلي متواجد لسبب أنت تعلمه بوضوح. هذه بعض معالم النظام. ولهذا النظام تأثير إيجابي على حالتك المزاجية والإنتاجية، فالكثرة "تلهي" كما قال الرسول الكريم: "ما قل وكفى خير مما كثر وألهى". والإلهاء هو عدم التركيز، ومن ثم قلة الإنتاج، أياً كان نوع هذا الإنتاج المطلوب.

لست خبيراً وصلت للحلول النهائية فيما يخص التعامل مع هذه الفوضى في بيئاتنا الخاصة، غير أن لي محاولات سوف أعرضها عليك هنا.

أنت تريد أولاً خطوات سريعة فورية ذات طبيعة "إغاثية"! لو كانت الفوضى سائدة مزمنة، يتمثل هذه الجهد الإغاثي في "إخفاء الفوضى" وليس علاجها. هو تماماً مثل مسكن الألم الذي لا يعالج السبب لكنه يقدم راحة مؤقتة حتى تستطيع أن تمارس حياتك بشكل طبيعي. لكن لا تنس أبداً أن المسكن والخطوات الإغاثية هي مجرد مرحلة أولى تتيح لك بيئة مناسبة للعمل ليس إلا، وعليك بعدها التعامل من جذور المرض/الفوضى!

أما إخفاء الفوضى فهو ببساطة أن تأخذ كل شيء في منزلك، في غرفتك، على مكتبك وتخفيه في صندوق أو درج. قم فقط بتجميع كل شيء وألقه فوق بعضه في مكان واحد لكي تستريح من مشهده المؤرق للأعصاب حتى تستطيع العمل بهدوء. احتفظ في الخارج بالأشياء ذات الاستخدام اليومي "فقط". الآن لديك مكتباً أو غرفة وقد انزاحت عنهما الفوضى وحل محلها النظام في غضون دقائق قليلة!

تستطيع تطبيق القاعدة ذاتها مع ملفات الكمبيوتر أو رسائل البريد الإلكتروني. فقط ضع جميع الملفات في folder واحد واستمتع بسطح مكتب desktop هاديء وخال! وانقل جميع رسائل البريد الإلكتروني القديمة في folder خاص وابدأ من جديد مع صندوق بريدي نظيف!

لابد أنك خمنت بالطبع أنه يتوجب عليك بعد ذلك العودة للأدراج والصناديق والملفات التي تم إخفاؤها! هذه هي المرحلة الأهم، والتي سوف تتعامل معها كمشروع مستمر وطويل الأمد وليس كجهد إغاثي سريع. لو لم تفعل فسوف تجد أن كل شيء يعود إلى سابق عهده من الفوضى المزعجة بعد بعضة أسابيع. فإن أنت أعدت القيام بذات الخطوات الإغاثية فلربما ظلت أشياء أو مشاريع أو أوراق مهمة في غياهب النسيان أو غياهب الصندوق إلى الأبد!

المرحلة التالية إذن هي العودة إلى الأشياء القديمة المخفية والنظر فيها والتعامل معها أو التخلص منها نهائياً. هذه هي المرحلة الأصعب والتحدي الأكبر. وقد كانت هذه المرحلة دائماً هي التي تقف أمام إرساء النظام والسلام في حياتي بشكل دائم ومستتب! وقد انتهيت إلى حل واحد بسيط هو الذي حل لي هذه "المعضلة"!

هذه صورة واقعية للحل البسيط:


نعم، الحل يكمن في ورقة! لكنها ورقة ليست ككل الأوراق، دعني أخبرك عن ماهية هذه الورقة المعجزة!

وظيفة الورقة هي المتابعة المكتوبة. في الورقة أعلاه على سبيل المثال، تجدني قسمتها نصفين، الأول أكتب فيه ما أخرجه من حياتي مما لا أحتاجه أو أستخدمه (أتبرع به، أعطيه هدية، إلخ) يوماً بيوم. والثاني أكتب فيه ما أفعله من نشاطات تنظيمية، يوماً بيوم أيضاً. وهكذا فأمامي ورقة مرئية توضح سير الأمور بشكل لا لبس فيه. فأنا أنظر فيها فأعرف إن كنت تركت أياماً طويلة تمر دون أي فعل تنظيمي أم أنني أخطو كل يوم ولو خطوة واحدة صغيرة للأمام. احذر من الاستغناء عن الورقة بملف رقمي/وهمي على الكمبيوتر!

المشكلة الكبرى لدينا في التنظيم هي في الغالب أننا حينما نخطو للأمام خطوة واحدة، تعقبها خطوات للخلف. يحدث ذلك حينما تنتابنا دفقة نشاط فننظم وننظم، ثم يمر بعدها شهر وراء شهر في خمول تام! الخلاصة أن نوبات التنظيم المتقطعة لن تجدي نفعاً في تغيير نوعية حياتنا، والحل الوحيد هو، بالتعبير النبوي: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". يعني خطوة واحدة صغيرة كل يوم، أو حتى يوم ويوم، سوف يكون لها أفضل الأثر وسوف تحدث تغييراً حقيقياً مع مرور الوقت. وقد وجدت أن العمل على هدي ورقة بسيطة تسجل خطواتنا الصغيرة يوماً وراء يوم logging له أثر عجيب في الحفاظ على تتابع الخطوات الصغيرة. ولنا في حكاية الأرنب السريع المشتت والسلحفاة البطيئة التي لا تتوقف عبرة! ولعلك تعرف الحكاية ولا تحتاج مني إلى إعادة ذكرها هاهنا!

جرب ولا تستهين بالورقة! أحضرها فارغة، واكتب أعلاها: "نظام على مر الأيام"، أو أي عنوان يروق لك. قسم الورقة إلى أيام الشهر الجاري. يوم في كل سطر (1 يوليو، 2 يوليو...إلخ). كل يوم قم بخطوة، أي خطوة صغيرة ويسيرة. المهم أن تكتب أمام تاريخ اليوم أنك فعلت شيئاً ولو خمس دقائق. لا تخفي الورقة واجعلها أظهر ما لديك، وانظر فيها كل يوم. لو مر يوم ولم تفعل شيئاً، ارسم خطاً أو علامة خطأ X.

مرة أخرى: لا تستهين بالورقة. جرب وأخبرني. والفكرة صالحة لكل مشروع أو هدف بحاجة لعمل مستمر وطويل الأمد.

Share/Bookmark

Subscribe via email

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner