الثلاثاء، ١٤ ربيع الآخر ١٤٣١ هـ

ملهاة الكثرة

"ما قل وكفى خير مما كثر وألهى" حديث نبوي

دائماً ما يبهرني هذا الحديث. فهو يوجز فلسفة البساطة وحكمتها جميعاً في أقل كلمات. أليس هذا من تجليات البساطة أيضاً، ما قل ودل؟! فالبساطة لا تعني "النقص"، بل تعني التمام دون زوائد لا داعي لها. ومن ثم فإن دقة التعبير وحسن اختيار الكلمات التي تصيب المعنى دون لغو وزيادة هو حكمة البساطة الحقيقية.

أتأمل في المقطع الثاني من هذا الحديث، فهو يعطيك علة تجنب الكثرة. فالكثرة سوف تلهيك عن الأشياء ذاتها التي تريد استخدامها.

في تجربة بالغة الأهمية تم تقسيم جماعة من الأطفال إلى مجموعتين. تم تزويد إحداهما بلعب كثيرة جداً، والأخرى بعدد أقل من اللعب. وكانت النتيجة - رائعة الدلالة - أن الأطفال الحاصلين على عدد أقل من الاختيارات كانوا أكثر استمتاعاً وانهماكاً في اللعب، بينما بدت المجموعة الثانية بائسة حائرة أمام هذا الكم الهائل من الاختيارات!

هذا مربط الفرس كما يقال: كثرة الاختيارات في الواقع سوف "تلهيك" ولا "تكفيك".

Share/Bookmark

الجمعة، ١٠ ربيع الآخر ١٤٣١ هـ

الانبساط في البساطة

لا شك عندي أن اشتراك كلمتي "البساطة" و"الانبساط" في جذر لغوي واحد هو من عبقرية اللغة العربية. هي ليست مصادفة لا معنى لها، بل هي دلالة قاطعة أن للسعادة صلة وثيقة بالبساطة، في حين أن صلتها مقطوعة وعلاقتها غير ودية بالمرة مع أشياء من قبيل "التعقيد".."الكراكيب".."الازدحام".

ونحن نقول عن الأرض الخالية من التلال والجبال أنها أرض "منبسطة". ليست مصادفة هي الأخرى! فانبساط الأرض يعني أن تتحرك من مكان إلى آخر بأقل جهد ممكن. صدقني لقد عشت ردحاً من عمري في مدينة مبنية فوق التلال. كان الذهاب إلى وسط المدينة يستغرق وقتاً قليلاً وجهداً يسيراً. أما العودة.. عافاك الله! في الذهاب تهبط من التل إلى السفح. وفي العودة عليك الصعود مرة أخرى إلى أعلى التل. مسافة يسيرة لكنك سوف تحسن إلى نفسك ألا تمشيها على قدميك! أرأيت كيف أن "انبساط" الأرض يوفر الجهد والطاقة؟ وكما ترى، فانبساط الأرض وبساطة الحياة يؤديان إلى إنسان مبسوط!

هذه المدونة تحاول أن تكون إضافة يسيرة إلى عالم التدوين العربي عن البساطة والتبسيط. وهي كذلك رحلة فكرية وشخصية في محاولة للتخلص من قلق الكثرة وعبء الزوائد!

Share/Bookmark

Subscribe via email

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner