"ما قل وكفى خير مما كثر وألهى" حديث نبوي
دائماً ما يبهرني هذا الحديث. فهو يوجز فلسفة البساطة وحكمتها جميعاً في أقل كلمات. أليس هذا من تجليات البساطة أيضاً، ما قل ودل؟! فالبساطة لا تعني "النقص"، بل تعني التمام دون زوائد لا داعي لها. ومن ثم فإن دقة التعبير وحسن اختيار الكلمات التي تصيب المعنى دون لغو وزيادة هو حكمة البساطة الحقيقية.
أتأمل في المقطع الثاني من هذا الحديث، فهو يعطيك علة تجنب الكثرة. فالكثرة سوف تلهيك عن الأشياء ذاتها التي تريد استخدامها.
في تجربة بالغة الأهمية تم تقسيم جماعة من الأطفال إلى مجموعتين. تم تزويد إحداهما بلعب كثيرة جداً، والأخرى بعدد أقل من اللعب. وكانت النتيجة - رائعة الدلالة - أن الأطفال الحاصلين على عدد أقل من الاختيارات كانوا أكثر استمتاعاً وانهماكاً في اللعب، بينما بدت المجموعة الثانية بائسة حائرة أمام هذا الكم الهائل من الاختيارات!
هذا مربط الفرس كما يقال: كثرة الاختيارات في الواقع سوف "تلهيك" ولا "تكفيك".
